الأربعاء، 28 أغسطس 2013

" . . وما لزماننا عيبٌ سوانا "


 

-


-


" . . وما لزماننا عيبٌ سوانا "



http://images.gizmag.com/hero/world_technology.jpg 


شدّني كثيراً تعليق أحد الإخوة المغردين في تويتر . . عندما عاد مؤخراً من " الصين "
فقال - بما معنى كلامه - أنه عاد إلى تويتر ؛ حيث لم يكن هناك تويتر . . وليتنا لا نملكه

قادني هذا التعليق وتلك الكلمات إلى الغوص في بحر الخيال . . وضعت بين سؤالٍ وسؤال !
حتى وصلت إلى سؤالٍ شامل " ما الذي يجعل نظرتنا للأمر تصل إلى هذا الرأي والتعليق ؟ 

"لطالما كنت مقتنع أن العاطفة في الإنسان العربي " جيّاشة " . . حتى تكون متحكمة أحياناً .
في وقتٍ نرى فيه العقول العربية عظيمة . . ولكنها أسيرة لتلك العاطفة ؛ وللظروف المحيطة

الإجابة على ذلك السؤال لم يستغرق الكثير من الوقت ؛ بل وبالقليل من الكلمات تكون وتتضح
هي في الحقيقة . . لا تعدو كونها كلمتين بينهما حرف . . هي بين " الجهل و الهروب " !!



http://www.ancientresource.com/images/firearms-antique/pistol-US-1819-52372d.jpg


حين اخترع " سامويل كولت " السلاح الناري . . قال كلمته الشهيرة وقوله الماثور :
" الآن . . يتساوى القوي والضعيف " . . ولم يقل أبداً ( يتساوى الخير والشر ) !!

فـ كولت يعلم يقيناً أنه اخترع " وسيلة " . . يمكن أن تخدم الخير أو أن تساعد على الشر
وسيلة . . يمكن أن يستخدمها قوي خيّر . . على ضعيفٍ كله شر ! فلا ربط ولا صلة بينهما

إن " وسائل التكنلوجيا " وما نعيشه في عصرنا الحالي هي " ثروة " و " نعمة " عظيمة
تربط الشرق بـ الغرب . . والشمال بـ الجنوب . . والبعيد بـ القريب . . والقريب بـ البعيد !

 كما كانت نظرة لمن يعتبر أن " وسائل التكنلوجيا " نقمة . . مليئة بالجهل والمغالطات !
فـ " الوسيلة " لا يمكن أبداً أن تكون سبباً مباشراً في خيرٍ حصل . . أو شرٍ قد وقع !

فـ الخير والشر . . لا يعرفان زمان ولا يقصدان مكان ولا يختاران وجهه ولا يعبران بلاد
واستذكر قول الله سبحانه : { فألهمها فجورها وتقواها } . فهي في كل نفسٍ منذ خلق آدم !



http://s.alriyadh.com/2006/06/12/img/126609.jpg


دعونا نتخيّل للحظة أننا في " عالمٍ جاهل ومنغلق " يعيش وحيداً وبعيداً في هذا العصر . .
لا تربطه بـ العالم الخارجي . . غير سحابةٍ ماطرة . . أو طائرةٍ عابرة فوق سماء البلاد !

لطالما كانت نظرتنا مليئة بالرحمة والتعاطف مع كل شخص لا يملك مالاً ليشتري سيارة . .
أو لا يملك هاتفاً يتواصل مع أهله وأقاربه وأصدقائه . . أو لا يملك ثلاجة تحفظ طعامه وشرابه 

فـ كيف ستكون نظرة غيرنا إلينا . . حين نعيش بلا " كهرباء ولا سائل التكنلوجيا " معتقدين أنها
تسبب أضراراً وتزرع فتناً وتبث سموماً وتنشر الرذيلة . . غافلين عن أبسط إيجابياتها ومنافعها !



 http://www.fort-lauderdale-injury-lawyer-blog.com/DSC00542%5B1%5D.jpg 
( حادث مؤلم . . أسأل الله أن يكفينا وإياكم ومن نحب . . شر الحوادث ) 

إن العقليّة التي ترى في " تويتر " أو " يوتيوب " أو غيره ضرراً يحتاج إلى إغلاقه والتخلص منه
هي نفسها من يجب أن تقر بأن يكون حجب ومنع قيادة السيارات أولى . . والإحصائيات " تثبت " .

السعودية (مثلاً) تحتل المرتبة الأولى عالمياً في حوادث السيارات وحالات الوفاة . . بينما في أوروبا
تعتبر الأقل . فهل نقول أنها " خطط أمريكية أوروبية صهيونية تستهدف الشباب الإسلامي ؟ " حتماً لا

كذلك " الهاتف المحمول " . . كان استغلاله بشعاً فيما يخص قضايا الفساد الأخلاقي . . بين مكالمات
الغزل . . ورسائل الحب (الزائف) . . والصور الخليعة . . وتسجيل المكالمات . . ومشاكل الابتزاز !

حتى الشاب الصغير . . حين يندمج مع " الآيباد " أو يتفاعل بـ شدّة وهو يلعب " البلاي ستيشن "
فـ يدخل وقت الصلاة . . ويسمع الأذان ولا يردد ويسمع الإقامة ولا يجيب . هل العيب في الأجهزة ؟



http://www.jeanlambertmep.org.uk/newsdocument/Justice%20scales.jpg



 إن كان " العين بالعين . . والسن بالسن " . . فـ كذلك العلم بالعلم . . والوسيلة بـ الوسيلة !!
(الحجب/المنع/المقاطعة .. إلخ) ليست حلولاً على الإطلاق بل هروباً وعجزاً وفشلاً في إيجاد حل

نعم في الصين لا يوجد تويتر ولا يوجد يوتيوب . . ولكن لديهم تويتر خاص . . ويوتيوب خاص
الصين " أمّة " محافظة . . تخاف على عاداتها وتقاليدها ؛ فـ أوجدت وخلقت وأبتكرت حلولاً !
  
ونحن بـ دورنا ؛ وبـ سلاح الدين وغرس القيم والاهتمام بـ الوعي . . قادرين بكل قوة وثبات
على " استثمار " الوسائل بأفضل طريقة . . وكذلك " التصدي " والابتعاد عن كل عيب ومحرّم
  
يمكن أن نختصر الحديث بأكمله حول وسائل التكنلوجيا جميعها في شيء . . وهو " الـطـابـعـة "
هـي تطبع صور لنساءٍ عاريات . . وهي من تطبع كلام الله والآيات . . فقط بـ " إشارةٍ منك " .


وأخيراً . . انتهي بما عنونت وبدأت به . . بيتٌ للإمام الشافعي يقول فيه :


  نعيب زماننا والعيب فينا . . وما لزماننا عيب سوانا !